قضايا و حوادث تُكشف للمرة الأولى: أسرار مدوية حول حادثة انتحار التلميذ "رمزي" حرقا، وهذا ما جاء في آخر كلماته ووصية وداعه
اهتزت مدينة بوحجلة التابعة لولاية القيروان مؤخرا وتحيدي يوم الخميس 16 فيفري 2017 على وقع حادثة جد أليمة راح ضحيتها تلميذ في عمر الزهور يدعى "رمزي المسعودي" بعد أن قرر إنهاء حياته عبر الانتحار حرقا في ساحة المعهد الذي يدرس به وهو معهد الطاهر الحداد ببوحجلة..
أخبار الجمهورية ارتأت في هذا الإطار الغوص في أغوار هذه الحادثة الفظيعة التي خلّفت الأسى والألم في قلوب كل من عرف الطفل "رمزي"، علما وأنّه فارق الحياة يوم الأحد الماضي بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس تأثرا بالحروق البليغة من الدرجة الثالثة والتي التهمت كامل جسده الصغير..
ونظرا لتضارب المعطيات حول هذه الواقعة ومسبباتها في ظل وجود معلومات تقر بأنّ انتحار التلميذ كان نتيجة القهر الذي شعر به من قبل أحد الأساتذة وبعض القيمين التابعين لذات المعهد، كان لنا في هذا الإطار اتصال خاص بأكرم المستوري وهو رئيس مصلحة بالمندوبية الجهوية ببن عروس والمكلف بالاعلام صلبها وذلك للوقوف على تفاصيل الحادثة فضلا عن الاتصال بوالد التلميذ المرحوم السيد نور الدين المسعودي الذي كشف لنا تفاصيلا مفزعة ومؤثرة تكتشفونها تباعا..
حقيقة طرد الأستاذ الذي جمعته مشاكل مع التلميذ رمزي قبيل انتحاره..
في البداية وحول الرواية الرسمية التي ساقها لنا المكلف بالإعلام صلب المندوبية الجهوية للتربية ببن عروس، وحول حقيقة المعطيات التي تفيد طرد أستاذ الرياضيات الذي نشبت بينه وبين التلميذ المرحوم "رمزي" قبل انتحاره فقد أكد لنا أكرم المستوري أنّه لا حقيقة لهذه المعطيات مشيرا إلى أن الأستاذ كان مكلفا بنيابة وتم إنهاء تكليف إنابته آليا بحكم وصول بحر الأسبوع الفارط دفعة المنتدبين الجدد من الأساتذة التابعين للمدارس الإعدادية والمعاهد التعليم الابتدائي الذين تمت تسوية وضعيتهم من بين 800 أستاذ برتبة عون وقتي من الصنف الفرعي أ 2..
وأضاف أنّ نصيب القيروان من مادة الرياضيات كان 14 أستاذا ممن سويت وضعيتهم، وبناء على هذا تم إنهاء إنابة أستاذ الرياضيات وليس على خلفية الحادثة كما أذيع..
وحول رواية الطرف الإداري بخصوص حادثة انتحار التلميذ رمزي، أكّد محدّثنا أنه يوم الخميس الفارط وعلى الساعة 9 وعشرون دقيقة تم استدعاء التلميذ من قبل القيم العام لاستجوابه بخصوص التقرير الذي تقدم به أستاذ الرياضيات في شأنه حول سلوكه، مشددا على أن حادثة الانتحار وقعت على الساعة العاشرة والنصف صباحا من ذات اليوم تحديدا بعد فترة الراحة الصباحية وذلك بناء على التقرير الأولي الذي اطلعت عليه المندوبية والذي وصلها من قبل إدارة المعهد..
هذا وأفاد أكرم المستوري أن المندوبية الجهوية بالقيروان وعلى اثر علمها بهذه الحادثة الأليمة تجنّدت بالتنسيق مع وزارة التربية والسلط الجهوية لمحاولة إنقاذ التلميذ رمزي المستوري، حيث تم نقله صباح الجمعة إلى مستشفى بن عروس للحروق البليغة أين تحولت معه عائلته فضلا عن فتح تحقيق إداري ومالي للنظر في ظروف الحادثة التي أفادنا انه مازال متواصلا لتحديد جميع المسؤوليات..
هذا كما أكّد محدّثنا أنّ مندوبية التربية بالقيروان تعبر عن عميق أسفها وألمها لرحيل التلميذ رمزي حيث بلغها خبر وفاته صباح يوم الأحد الماضي، مشيرا إلى أن الراحل تم دفنه مساء ذات اليوم وسط موكب دفن مهيب حضرته عائلته والأسرة التربوية وعدد كبير من التلاميذ فضلا عن ممثلين عن المندوبية من بينهم المندوب الجهوي..
في ختام مداخلته أكد أكرم المستوري أنّ المندوبية الجهوية بالقيروان تتجه ستقوم باتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة للإحاطة النفسية بالتلاميذ والرفع من معنوياتهم بعد تلك الحادثة الأليمة..
والد التلميذ رمزي المسعودي يكشف ما لم يكن في الحسبان !
على صعيد آخر تمكنت أخبار الجمهورية من الحصول حصريا على السيد نور الدين المسعودي وهو والد التلميذ المرحوم "رمزي" الذي كان يدرس في السنة الأولى ثانوي، وذلك لاستبيان رواية العائلة حول الحادثة فكان مايلي..
والد رمزي الذي غلبت صوته نبرة الحزن واللوعة لفراق فلذة كبده بتلك الطريقة الفظيعة فكأن الألم هو الذي كان يخاطبنا، والد المرحوم أكّد لنا أنّ ابنه لم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي حيث انه كان يوفر له كل ما يطلبه ولم يكن محتاجا لأي شيء وكان يعيش وسط جو أسري دافئ..
موته برقبة القيم العام وأستاذ الرياضيات !
في المقابل شدّد الوالد على أنّ ابنه أقدم على فعلة الانتحار بسبب القهر وإحساس المهانة الذي شعر به صباح الحادثة خاصة بعد أن عمد القيم العام إلى توبيخه وصفعه أمام زملائه وفق ما أكّده له شهود عيان على حد تعبيره، مشيرا إلى انّ المرحوم كان يحدّثه عن خلافاته المتجددة مع أستاذ الرياضيات الذي طرده من القسم عديد المرات وقال "تلك هي مشكلة ابني الوحيدة التي نفّرته في الدراسة حيث انه قرر مقاطعتها قبل العودة لها وحصول الكارثة"..
محدّثنا اعتبر أن انتحار ابنه كان نتيجة خلافاته مع الأستاذ المذكور والقيم العام ونتيجة الغبن الذي شعر به إثر رفض مطلبه بالحصول على بطاقة دخول، رغم أن المرحوم توسل إلى الأستاذ تمكينه من العودة إلى صفوف القسم خاصة انه كان سيجتاز إحدى الاختبارات في ذلك اليوم إلا أن الأستاذ رفض طلبه وأرسله إلى القيم العام الذي قام بطرده هو الآخر بعد توبيخه على حد تعبيره..
هذا كما أشار محدثنا أن القيم العام قام بالاتصال به هاتفيا يوم الحادثة لإعلامه بأنه سيتم اتخاذ قرار ردعي في حق ابنه على خلفية التقرير الذي ورد في حقه من قبل الأستاذ، مشيرا إلى انه توسل بدوره إلى القيم العام أن يمنحه بطاقة دخول وينهي المشكل إلى حين تحوله للنظر في كيفية تسوية الوضعية..
وتابع قائلا "بعد هذه الوقائع قرر ابني الانتحار حرقا بعد ان اقترض مبلغا ماليا اقتنى به قارورة بنزين سكبها على جسده ثم أضرم النار فيه"..
وصية الوداع وآخر الكلمات...
والد التلميذ رمزي الذي لم يكن في المنزل يوم الحادثة على اعتبار طبيعة عمله كسائق سيارة "لواج" كشف لنا أن آخر مكالمة هاتفية جمعته بفلذة كبده كانت صباح الحادثة وتحديدا على الساعة الساعة السادسة صباحا قصد إيقاظه للحاق بمقاعد الدراسة، مشيرا إلى انه كان عاديا واخبره انه بصدد إنهاء ارتداء ملابسه قبل أن يتوجه للإفطار مع والدته وأشقائه..
وحول الكلمات الأخيرة التي نطق بها المرحوم قبل أن تتوفاه المنية، كشف محدّثنا انّ ابنه وأثناء نقله في سيارة الإسعاف توجه إلى عمه بالقول بعد استفساره عن سبب إقدامه على الانتحار قال له "مندريش على روحي كيفاه عملت هكاكة يا عمي وقول لأمي وبابا يسامحوني وراني تحرقت وحسبي الله ونعم الوكيل 3 مرات" مضيفا انه تلا 3 سور من القران الكريم وقام بآداء الشهادة 3 مرات وان عمه وابن عمه والممرض الذي كان يرافقه كانوا شاهدين على كلماته الأخيرة ووصية الوداع..
في الختام طالب الوالد الملتاع بمحاسبة كل المتسببين في وفاة ابنه معربا عن شكره للسلطات الجهوية في القيروان الممثلة في الوالي والمعتمد فضلا عن المندوبية الجهوية للتربية بالجهة، الذين لم يتوانوا عن مساندته في محنته ومصابه وفق قوله..
من جهتنا نتقدم بأحر التعازي إلى عائلة المرحوم رمزي عسى أن يتغمده الله برحمته الواسعة ويلهمهم فائق الصبر والسلون..
ملف من اعداد: منارة تليجاني
